يعيش لبنان اليوم على أمل واحد في نفق كورونا المظلم، اللقاح الذي في حال توفّر يعيد الحياة إلى طبيعتها، في بلد لم يعد يحتمل اقتصاده أي يوم إقفال جديد، ولم يعد يحتمل وضعه الصحّي أي انفلات يحيلنا إلى أسوأ السيناريوهات الصحيّة، حيث بلغت سعة المستشفيات الاستيعابيّة ذروتها.
لقاح كورونا اليوم ليس متوفّراً، وقد نضطرّ إلى الانتظار حتى العام المقبل، إلا أنّ لبنان اليوم ينتظر لقاح الأنفلونزا الموسميّة، الذي أكّدت منظمة الصحة العالمية والجهات الصحية الرسمية أهمية تناوله للوقاية من مضاعفات كورونا وتخفيف الضغط على الخدمات الصحية.
وجديد هذا الملف، قيام مصرف لبنان بإعطاء الأولوية لمنح التسهيلات المصرفية لاستيراد لقاح الإنفلونزا الموسمية وتوفيره سريعاً في لبنان بالتعاون والتنسيق مع وزارة الصحة اللبنانية. لكن يبقى السؤال، هل يمكن توفير هذا الكم من لقاحات الأنفلونزا المطلوبة في اللحظات الأخيرة؟ أم أنّ الأوان قد فات ليحصل لبنان على الكميّة التي يحتاجها من اللقاحات؟
-اللقاحات ستتوفّر لهؤلاء الأشخاص فقط
شركة سانوفي باستور، الرائدة عالمياً في صناعة اللقاحات، أكّدت على جهوزيتها التامة بالالتزام في تسليم جرعات لقاح الإنفلونزا رباعي التكافؤ الأكثر فعالية، المخصصة لموسم الإنفلونزا هذه السنة في لبنان.
وأشارت الشركة في بيان لها، إلى أنه يتم في العادة تحديد وطلب الكميات اللازمة من اللقاحات قبل سنةٍ من موعد حدوث الإنفلونزا الموسمية، وبالتالي لا يمكنها تلبية أي طلبات متأخرة، والذي قد يؤدي إلى نقص في كمية اللقاحات على مدار موسم الأنفلونزا .
إلا أنّها أكّدت على أهمية التعاون مع وزارة الصحة اللبنانية ونقابة الصيادلة ونقابة الأطباء في لبنان والمنظمات الصحية، لتعزيز التوعية حول التوجيه الصائب لاستعمال اللقاحات بحسب الأولويات والمعايير المنصوصة من قبل وزارة الصحة اللبنانية وبناءً على التوصيات التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية لموسم الإنفلونزا -20212020.
وقد حددت منظمة الصحة العالمية الأشخاص الذين هم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالإنفلونزا في ظل انتشار كوفيد-19 ، وهم العاملون في القطاع الصحي وكبار السن فوق عمر 65 والنساء الحوامل، الى جانب الأشخاص الذين يعانون من امراض مزمنة مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وفيروس نقص المناعة البشرية/ايدز والربو وأمراض القلب والانسداد الرئوي المزمن. بالإضافة إلى الأطفال خاصةً الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر إلى سنتين.
وأكدت التوصيات على ضرورة أن يتحصّنوا باللقاح إلى جانب الدائرة المحيطة بهم ومن يوفّر لهم الرعاية.
-أرقام الأنفلونزا العالمية مرعبة
تجدر الإشارة إلى أن الإنفلونزا مرضٌ فيروسي شديد العدوى يسبب إلتهاباً حاداً في الجهاز التنفسي. إذ تشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلى تسجيل ما بين 3 إلى 5 ملايين حالة من المرض الشديد سنوياً، وما بين 290 إلى 650 ألف حالة وفاة عالمياً جراء الإنفلونزا الموسمية.
كما يشكّل تشابه أعراض الإنفلونزا الموسمية مع أعراض فيروس كورونا المستجد، تحدياً كبيراً أمام مقدمي الرعاية الصحية، لتشخيص العدوى التي يعاني منها المريض، وبالتالي تحديد العلاج المناسب. هذا بالإضافة إلى إمكانية إصابة نفس الشخص بفيروسات الجهاز التنفسي (أي كوفيد-19 والإنفلونزا) وقد يؤدي ذلك إلى حدوث أعراض أكثر حدة ويزيد من الأعباء المترتبة على نظام الرعاية الصحية المثقل جراء انتشار فيروس كورونا المستجد.
لذا ينبغي على مقدّمي الرعاية الصحية دوراً أساسياً في زيادة الوعي حول الانتشار المشترك المتوقع لكلا الفيروسين وتثقيف الجمهور حول أهمية لقاح الإنفلونزا الموسمية، لا سيّما خلال هذا الموسم، ليس فقط لحماية الناس من الإصابة بالإنفلونزا ولكن أيضاً للحد من الأعباء الملقاة على نظام الرعاية الصحية والحفاظ على الموارد الاحتياطية لمواجهة وباء كوفيد-19.